هند صبري وعلامتها التجارية.. تمكينٌ للنساء أم استحواذٌ ثقافي؟

في يناير 2023، أطلقت الفنانة التونسيّة هند صبري علامةً تجاريةً حملت اسم “Second Chance”، أو فرصة ثانية.

وقالت، عبر انستغرام، إن العلامة التجارية مخصصةٌ للأزياء النسائية، ومستوحاةٌ من أعمال المصممة ريم تركي التي ظهرت بها هند صبري في مسلسل “البحث عن علا”. وهو مسلسل عرضته شبكة “نتفليكس” كجزءٍ ثانٍ من مسلسل “عايزة أتجوز” بعد أكثر من 10 سنوات على بثه.

وفي بيان إطلاق “فرصة ثانية”، نشرت هند صبري: “أنا وشريكتي ريم تركي أردنا تمكين النساء في العالم العربي، من خلال تقديم الأزياء المصممة للسيدات ذوات الشخصيات القوية اللواتي يرغبن في التباهي بألوانهن، وامتلاك هويتهن وثقافتهن، وأن يكنّ أنيقات و يشعرن بالرضا عن نفسهنّ”.

وأضافت: “تم إنشاء البراند في الإمارات العربية المتحدة والشراء عبر الإنترنت حصرياً”.

 

View this post on Instagram

 

A post shared by هند صبري (@hendsabri)


ربما لولا هذا المنشور، وهذه الكلمات حول تمكين النساء كـ”حافز” لإطلاق العلامة التجاريّة، لما أقدمنا على تفكيك هذا الدافع، كنسويّاتٍ من البلدان الناطقة بالعربية. الدول التي يُزعَم أن العلامة التجارية مقدمَة إلى نسائها بهدف “التمكين”.

نقد وليس جَلد

لا يستهدف هذا النص جَلد هند صبري بأي حال. إنما ننتقد استخدام قضايا النساء العادلة من منظورٍ رأسماليٍّ قمعي.

فليست هند صبري من اخترعت مفهوم استخدام النساء في الدعاية “Femvertising”،  وهو نهج الشركات في تبني عبارات مُشجّعة للنساء أو اقتباس عبارات نسويّة للترويج لمنتجاتها.

إذ نجد، في هذا السياق، حملات إعلانية لشركاتٍ تجارية تحمل شعارات ذات طابع تمكيني للنساء مثل “بنت وأقدر”، و “احلمي إنجزي”، أو “متغيريش طبيعة شعرك”، و “Girl Power أو The Future is Female”، أي “قوة الفتاة، والمستقبل أنثى”، و “أريد ونستطيع، I Can. We Will”.

إلا أن كل هذه الشعارات تصب في خانة الـ”Femvertising” الذي يفرغها من محتواها ويحول القضايا الإنسانية إلى باب إضافي لتربّح الشركات.

ولا ننسى بالطبع أن هناك مفهومٌ آخر في مجال ريادة الأعمال والقطاع الخاص يُدعى المسؤولية المجتمعيّة “Corporate Social Responsibility”. وتستخدمه الشركات تحت زعم مساعدة مجتمعات بعينها، إلا أن ذلك في النهاية يرفع الحرج عن الدول المسؤولة عن رفاه مواطنيها بإيجاد حلول عملية كتغيير قوانين وتفعيل أخرى أو سن سياسات من شأنها تحقيق العدالة الاجتماعيّة. كما أن الشركات تستخدمه كأداة لتخفيض الضرائب.

هل تعتبر الأزياء طريقًا لتمكين النساء؟

سؤالٌ لا بد من طرحه، حين يتم تقديم منتج ما على أنه يهدف إلى “تمكين النساء“.

فالنساء في منطقة الخليج والشام وشمال أفريقيا يعانين من معاناةٍ يومية، مع كل نفَس يتنفسنَه.

فهنّ يعانين من قوانين لا تجرّم العنف الأسري، وتذهب ضحيتها العشرات سنوياً في الأردن ولبنان والعراق ومصر وفلسطين وغيرها من الدول الناطقة بالعربية.

وتُقتل النساء والفتيات لأنهن رفضن رجال أو قلن كلمة “لا” في المنطقة برمتها.

في هذه البلدان أيضاً، يُقبض على النساء اللواتي يُجرين عمليات الإجهاض، كما حدث مع الصحافية هاجر الريسوني في المغرب.

وتعاني النساء أيضاً من قوانين عمل لا تحمي حقوقهن كعاملات، ولا يتقاضين أجوراً عادلة مقارنةّ بزملائهن الرجال.

وفي المقابل، لا يعترف بأدوارهن الإنجابية والرعائية كوظائف أو حتى أنها تُساهم في الاقتصاد الرسمي للدولة.

كما تعاني الكثيرات من العنف الجنسي في البيوت وفي الشوارع وأماكن العمل.

وبالتأكيد، في ظل كل هذه الانتهاكات، ليست الأزياء هي ما يحتجنه النساء والفتيات الآن في الدول الناطقة بالعربية. خصوصاً، حين تحمًّل الأزياء  بثقافة القمع التي تقتلهن كل يوم. ولا تآبه لأوضاع النساء العاملات في البلد الذي انطلقت منه.

من ناحيةٍ ثانية، من المؤكد أن حق النساء في اختيار ملابسهن، كحقٍّ أصيل في التواجد بأمان في الأماكن العامة، مشروع ولا يجب المساس به. وذلك إيماناً بأحقيتهن في ارتداء ما شئن، دون أن ينتج عنه عنفاً أو ملاحقة أمنية ومجتمعية.

لكن ما هو مرفوض أن يتم اختزال مأساة النساء في بلداننا في الملابس. وبالتحديد تلك التي تتربّح منها فئة ممكنَة اقتصادياً بالفعل، على حساب ثقافةٍ تُعاني منها الغالبية مع كل خطوة تخطوها، ثم تتويجها بمصطلح إشكالي كـ”التمكين”.

فما هو تمكين النساء؟

انطلق مصطلح تمكين النساء في الربع الأخير من القرن الـ20، مع أهداف ما يُعرف بالتنمية في دول الجنوب العالمي، التي تُسمى بـ”الدول النامية – العالم الثالث” كنايةً عن “تخلّفها ورجعيتها” عن الدول التي استعمرتها ونهبت ثرواتها.

وأتى مصطلح التمكين من إدراك أهمية وجود النساء في شتى مناحي الحياة من أجل “النهوض” ببلدانهنّ اقتصادياً.

وعلى إثر ذلك، أطلقت المنظمات والهيئات الدوليّة برامج تمكين النساء، بغية دعم اقتصاد الدول النامية، وليس من أجل النساء أنفسهنّ.

وتقبع أهمية فعل التمكين في أنه مصطلح يضع الفئة المُمكِّنَة في درجةٍ أعلى اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً من الفئات التي تقوم بتمكينها.

أي أنه مصطلحٌ غير متكافئٍ في جوهره، ويهدف إلى دعم الاقتصاد المحلي. إما بدعم برامج حكوميّة وتمويلها بدافع أنها لتمكين النساء، أو تنفيذ برامج دوليّة لنفس الهدف.

ورغم أن هذا الهدف يبدو نبيلاً بعض الشيء واستفادت بعض النساء منه جزئياً، إلا أن التمكين حُصر في دور النساء الاقتصادي بالنسبة للدولة وللرأسماليّة العالميّة. فسحق تحت عجلاته نساء أخريات، ربما من نفس البلد أو في بلدان أخرى تعتبر النساء مصدراً للعمالة الرخيصة. وبالتالي تراكم رأس المال في أيدي الشركات والحكومات والدول الغنيّة.

“نايكي”.. انتهت حقوق العاملات بحجة دعم المحجبات

سنأخذ مثالاً بسيطاً على ذلك.. هل تذكرن/ون حين أطلقت شركة «نايكي» منذ أعوام حملةً لدعم المحجبات في المجال الرياضي، وأنشأت خط إنتاج حجاب رياضي للنساء؟

قد تكون الخطوة “تمكيناً” للنساء المحجبات وإثراءً لوجودهنّ في الرياضة، إلا أنها حملت انتهاكاتٍ لحقوق النساء العاملات في البلدان المُصنّعة لهذا الحجاب في جنوب وشرق آسيا.

إذ رصدت تقارير أن هذه الانتهاكات تجاوزت الأجور الزهيدة، ووصلت إلى العنف الجنسي في أماكن العمل. إضافةً إلى عدم وجود قوانين تمنع طرد النساء من العمل أو تحمي حقوقهنّ.

وبالتالي، فأمام كل امرأة رياضيّة محجبة، هناك عشرات العاملات اللاتي دفعن ثمن تمكينها من حقوقهن وكرامتهن كعاملات وكنساء.

اختيار هند صبري للإمارات يتعارض مع “تمكين النساء”

ولمثالٍ أقرب، فإن اختيار الفنانة هند صبري إطلاق علامتها التجارية من الإمارات العربية المتحدة تحديداً، يتجاهل الواقع المؤسف للعاملات/ين المُهاجرات/ين اللاتي/ الذين تتشكل منهن/م العمالة.

إذ رصدت منظمة العمل الدولية انتهاكاتٍ بحق العمالة في بلدان الخليج التي تعتمد نظام الكفالة، خاصة الإمارات العربية المتحدة.

انتهاكات جنسية ومهنية بحق العاملات في الإمارات

ومن بين الانتهاكات تجاهل حقوق العاملات/العمال، وإجبارهن/م على العمل أو الترحيل قسراً، وأجور زهيدة أو عدم دفع المستحقات المالية من الأساس.

بالإضافة إلى سحب جوازات السفر، وعدم الالتزام بمعايير العمل الدوليّة المفترض أنها تحمي حقوق العمالة المهاجرة. ما يجعل العمل في الإمارات العربية المتحدة وفقًا لـ”هارفارد إنترناشونال ريفيو” شكلاً حديثاً من الاستعباد.

وفي دولة أكثر من 90% من سكانها مهاجرات/ين، كالإمارات العربية المتحدة، تعتبر العمالة النسائية الأكثر تعرضاً لانتهاكات العمل.

وفي هذا السياق، تطرقت تقارير إلى أوضاع العمالة النسائية الظالمة في الإمارات، قبل أن تصبح دبي مركزاً تجارياً ضخماً في المنطقة، وملاذاً للشركات الناشئة للتسهيلات التي تقدمها بخصوص الضرائب والعمالة المقموعة وتُعرّف بـ”العمالة الرخيصة”.

إحدى هذه التقارير نشرتها منظمة “ذا نيو هيومانيتيريان” الدولية عام 2006، إذ رصدت خلاله تعرّض العاملات للاغتصاب.

في حين أشارت تقارير أخرى، استلمتها لجنة مناهضة العنف ضد النساء في الأمم المتحدة (سيداو) عام 2010، إلى تعرض العاملات للعنف. بالإضافة إلى عدم تضمينهن في لائحة قوانين العمل الرسميّة، وعدم قدرتهن على الإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرضن لها.

كما رصدت منظمة “هيومن رايتس ووتش” عام 2014 شهادات تعرض العاملات للاعتداء الجنسي، ما اعتبرته إتجاراً بالنساء.

وفي تحقيقٍ نشره موقع “ذا تليغراف إنديا” عام 2022، أوضحت عاملة منزلية سابقة الانتهاكات الجسمية التي شهدتها هي و4 من صديقاتها. ما دفعها للتواصل مع منظمة دولية تعمل في مجال إنقاذ النساء من الوقوع ضحايا قوانين العمل في البلدان المستضيفة أو الإتجار بالبشر، حتى استطاعت العودة إلى بلدها مرة أخرى.

أوقفن/وا عن استخدام حقوق النساء كـ”كليشيه”

في حين لا يوجد معلومة أكيدة إن كان تصنيع أزياء العلامة التجارية “فرصة ثانية” سيكون في الإمارات العربية المتحدة، إلا أن اختيارها للانطلاق رغم كل هذه الانتهاكات التي تعاني منها العمالة المهاجرة، لاسيما النساء، يجعلنا نتساءل عن جدوى الترويج لـ”كليشيه” مثل: “تمكين النساء في العالم العربي”.

وهي العبارة التي استخدمتها هند صبري للترويج للعلامة التجارية، دون النظر إلى أن البلد الذي تنطلق منها هو أحد أكثر الدول انتهاكاً لمعايير العمل الدولية، وتعاني فيه العاملات المهاجرات من انتهاكاتٍ مضاعَفة.

تمكين أم استحواذ ثقافي؟

على مستوى إقليمي، لم يكن اختيار لفظ تمكين موفقاً.

إذ يستحيل تخيّل أن يكون تمكين النساء عبر الملابس، التي يتم الترويج لها أنها ثقافة وهويّة.

فالرأسمالية لا تمكّن النساء البيولوجيات أو العابرات ككل. بل تدعم فئات محددة من النساء اللواتي تستفيد منهن اقتصادياً.

نظرةٌ سريعة على موقع العلامة التجارية، لنعرف أي فئة تمكّنها، تكشف أنهن فقط النساء القادرات على شراء منتجاتها!

إذاً، هذا أيضاً تمكين اقتصادي، لكن ليس للنساء. إنما للرأسمالية التي تستغل الشعارات لتحقيق الأرباح.

عندما قالت هند صبري أن علامتها التجارية تهدف إلى “تمكين النساء في العالم العربي”، أغفلت من هنّ النساء اللواتي تستهدفهن “فرصة ثانية”. إلا أنها شددت على استهداف “السيدات ذوات الشخصيات القوية اللواتي يرغبن في التباهي بألوانهن، وامتلاك هويتهن وثقافتهن”.

فنحنُ هنا أمام رؤية محدودة وقاصرة عمّا هي الهوية، وما هي الثقافة التي تدعو صبري النساء لامتلاكها.

الجزء الأكبر من منتجات العلامة التجارية يعتبر زياً محافظاً، فضفاضاً وطويلاً. يتم الترويج له والتربح منه، باستخدام كلمات مثل ثقافة وهويّة.

تضع هذه الألفاظ العلامة التجارية برُمتها في خانة الاستحواذ الثقافي. وهو مفهومٌ رأسمالي للتربّح من الثقافات المحليّة في بلداننا الناطقة بالعربية.

وسيلةٌ يتم استخدامها لقهر وقمع النساء وحرياتهن الشخصية ومصائرهن في أجسامهن.

فعندما يكون الزي الأكثر رواجاً على الموقع الالكتروني للعلامة هو زي مفتوح طويل وفضفاض، مع لمسةٍ خاصة ليكون أشبه بالعباءة، فذلك ليس إلا إعادة إنتاجٍ للعباءة كزيٍّ يحمل ثقافة محلية من نوعٍ ما.

ثقافةٌ قامعة للنساء واختيارهن لملابسهن، وتضعهن في خانة المسؤولات عن العنف الجنسي لو تعرضن له، بزعم أنهن لم يلبسن أزياء واسعة وفضفاضة، أو أنهن لا يمثلن “الثقافة العربية”.

هند صبري.. من الوصم بسبب مخالفة “الثقافة العربية” إلى الترويج لـ”الهوية المحافظة”

عام 2009، حوكمَت امرأة في السودان لأنها ترتدي بنطال باعتبار ذلك مخالفةً للقانون.

وفي السعودية، تم إلقاء القبض على فتاة يمنية عام 2017، لأنها ارتدت تنورة قصيرة في جلسة تصوير.

ومؤخراً يتم استهداف النساء ذوات البشرة السوداء في تونس، مهما كان ما يرتدينه من ملابس!

وفي مصر، تتعرض غالبية النساء للعنف الجنسي في الأماكن العامة رغم ارتداء ملابس محافظة وحجاب.

إذن هذه التصميمات التي تتسم بطابعٍ “محافظ”، لا تقدم إلا تأصيلاً لمفهوم الزي “المحافظ” لنساء يتعرضن للعنف إن لم يتبعنه.

وبما أن هناك عنف، فحرية اختيار النساء والفتيات لما سيرتدينه لن تكون متوفرة. وهو ما أغفلته القائمات على العلامة التجارية. بل ساهمن بشكلٍ ما في تأصيل محافظٍ أبويٍّ لملابس النساء في البلدان الناطقة بالعربية.

جديرٌ بالذكر أن هند صبري نفسها كانت إحدى ضحاياها وصم النساء بعد ظهورها بملابس لا تنسجم مع “الهوية المحافظة”.

إذ هوجمت بعد أول أدوارها في فيلم “مذاكرات مراهقة” بسبب ارتدائها لباس البحر “البيكيني”، وتصوير مشاهد “حميمية”.

واعتُبرت هند صبري حينها “مثال سيء للنساء العربيّات”، على اعتبار أنها لا تمتثل لمعايير “الثقافة العربية المحافظة”. خصوصاً مع تصاعد موجات ما يُعرف بالسينما النظيفة حينها.

إلا أن موقفاً كهذا لم تعره هند صبري اهتماماً كافياً لتجنب الترويج لنفس الثقافة الأبوية، بذريعة “المحافظة”، والهوية التي تعتبر أجسام النساء وحرياتهن الشخصية مصدراً لتشكّلها.

ناهيك عن استخدام تعبير “العالم العربي”، الذي تتحفظ عليه الشعوب المغاربية والبلدان في شمال أفريقيا باستمرار، لأنها تضع هذه الشعوب في خانة “العرب” لمجرد أنهم يتحدثون اللغة العربية. فلا تأخذ بعين الاعتبار الثقافات المحلية لهذه البلدان، أو ما يعرفون أنفسهم به جغرافياً وثقافياً، بالأخص النساء المنتميات لجماعات مهمّشة كالأمازيغ والشعوب الصحراوية والنوبيين والبدو على سبيل المثال لا الحصر.

بدائل نسويّة.. تجنباً لاستغلال قضايا النساء

تجنباً لجعل مأساة النساء مقتصرة على دعمهن اقتصادياً، كترسٍ في آلة الاقتصاد الرسمي والعالمي، لا بد من استبدال مصطلح “تمكين” ببدائل أكثر اتساقاً مع المنظور النسوي التقاطعي.

فالبوصلة النسوية نبعت من كون النساء يشتركن في معاناةٍ واحدة، بناءً على الهوية الاجتماعية، والموقع الجغرافي، والثقافة الأبوية العابرة للحدود.

وقضايا العمل مرتبطة بقضايا الأحوال الشخصية، وبحقوق المهاجرات/ين، كما بأدوار النساء الإنجابية وهويتهن الاجتماعية وبالثقافة التي لا يردنها وأصحاب/صاحبات الهويات الجندرية والميول الجنسية المختلفة. ولأنهن صاحبات القرار في أجسامهن وحيواتهن، لا بد من عدسةٍ تقاطعية تضمن سليط الضوء على كل الفئات المضطهدة.

ولعل مصطلحات مثل “الدعم” و”التضامن” يمتلكان دلالات نسويّة لا تجعل لإحدانا فضلاً على الأخرى. كما لا تجعل منظمة نسويّة في منزلة الوصي على النساء اللواتي تدعمهن.

فقيم الدعم والتضامن النسوي التي نتشاركها تجعلنا نتشابك بأيدينا ومصائرنا لتحسين أوضاعنا كنساء وفئات مهمّشة ومفقَرة في مجتمعاتنا.

وهي أيضاً قيمٌ لا تحدّها الطبقية الاجتماعية. ولا تسعى إلى استغلال أوضاع النساء من أجل أن تتربح منهن، ولا تضعهن ترساً في آلة الرأسمالية.

آلةٌ نفعية، إن دعمت امرأة واحدة، تنتهك أمامها مئات النساء والفئات المهمّشة.

وإن بررت هند أن جزء من الإيرادات يذهب لدعم المنظمات العاملة في مجال تمكين النساء، فلا زالت تفتقر للمنظور التقاطعي. ولا تزال شبهة استغلال قضايا النساء والنساء أنفسهن عبر استخدام شعار “نسوي” تلاحقها.

إن تحوّل قضايا النساء في المنطقة إلى أداة تربّح، أو القفز عليها واختراقها، ليس سوى غسلاً لوجوه الأنظمة قمعيّة.

وعلى مَن أرادت الخوض في هذا المجال، البحث والتدقيق والنظر بعينٍ نقديّة تجنباً للوقوع في مصيدة التسطيح واستخدام النساء كشعارات.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد