سعوديات مؤثّرات يقعن فريسةً للاعتقالات والأحكام التعسفية

تحاول السلطات السعودية، منذ سنوات، تبييض صورتها والترويج أمام العالم لقيامها بإصلاحات في القضايا الحقوقية، ورفع محظورات كانت تفرضها في وقتٍ سابق.

وذلك عبر ادعاء الانفتاح وتجديد وتحسين خطابها القمعي وسياساتها العنيفة وقوانينها التمييزية ضد النساء والفتيات.

في وقتٍ تقبع عددٌ من السعوديات الناشطات والمدافعات عن حقوق الإنسان في سجون المملكة زورًا وتعسّفًا.

وأهم ما يترجم تناقضات ادعاءات السعودية بين الواقع والترويج الإعلامي، هو ما يُسمح للمقيمات/ين الأجنبيات/الأجانب، ويُمنع عن المواطنات السعوديات.

فمنذ عام 2018، أي بعد استلام ولي العهد محمد بن سلمان زمام الأمور، شهدت السعودية محطة بارزة في استهداف النساء.

تمثلت هذه المرحلة في تصاعد وتيرة الملاحقات والاعتقالات بحقّ النساء من كافة الجنسيات. تلاها انتهاكات وعنف وتعذيب في السجون وأحكام تعسفية في المحاكم وصلت إلى عشرات السنوات.

مناهل العتيبي (29 عامًا)

هي رياضية وناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي. اعتقلتها السلطات السعودية في 16 تشرين الثاني/نوفمبر 2022، في العاصمة الرياض.

وذلك على خلفية نشرها محتوى رياضي وترفيهي على المواقع الإلكترونية.

بالإضافة إلى مشاركة متابعاتها/ينها مقاطع لها وهي تمشي في الشوارع العامة غير مرتدية للباس السعودي التقليدي، والذي تفرضه الدولة على مواطناتها، وهي العباءة السوداء.

في كانون الثاني/يناير 2023، تم إحالة قضية مناهل إلى المحكمة الجزائية المتخصّصة، وهي محكمة مختصة بقضايا الإرهاب وأمن الدولة.

وبحسب ما تم نشره لاحقًا، وجّهت لها النيابة العامة تهم مثل “المساس بالآداب العامة والمبادئ الدينية، وتحريض أفراد المجتمع على المعصية والمجاهرة بها”.

فاطمة الشواربي

هي ناشطة على مواقع التواصل الاجتماعي باسم مستعار.

تم اعتقالها في أيلول/سبتمبر 2020، ووجِّهت إليها تهم تتعلّق بالتعبير عن الرأي عبر “تويتر”، والدفاع عن معتقلات ومعتقلي الرأي.

وأشارت مصادر حقوقية إلى أن محكمة الاستئناف الجزائية المتخصّصة حكمت عليها في حزيران/يونيو 2023 بالسجن 30 عامًا و6 أشهر. يتلوها منع من السفر لنفس عدد السنوات.

رانيا العسال

هي صحافية مصرية وعضوة في نقابة الصحافيات/ين المصريات/ين. في شباط/فبراير 2023، وصلت رانيا إلى السعودية لأداء العمرة مع وفد نقابي مصريّ.

بعد 4 أيام من بدء العمرة، تم إخفاؤها قسريًّا من الفندق الذي تتواجد فيه، ولم تتمكن من التواصل مع العائلة بعد الاعتقال. وذلك على خلفية تغريدات لها.

وأدّى الإخفاء القسري الذي تعرضت له إلى صدمة نفسية لطفلها، ووضع صحيّ حرجٍ جدًّا لوالديْها.

سميرة الحوري

اعتقلت سميرة مع ابنها أحمد الحليلي في 17 نيسان/أبريل 2022 من منزلها في الرياض، بعد أيامٍ فقط من وصول ابنها إلى السعودية من اليمن.

وأشارت تقارير صحفية إلى أنها مخفية قسريًا منذ ذلك الوقت، بعد أن تم حرمانها من التواصل مع العالم الخارجي.

رهف القحطاني

هي ناشطة معروفة على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية بالمحتوى الترفيهي الذي تقدّمه.

تم اعتقالها في أيار/مايو 2023. ثمّ حُكم عليها بالسجن 5 سنوات وغرامة مالية، بذريعة مقطع مصوّر انتقدت فيه ما يُسمّى “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” في السعودية.

منيرة القحطاني (55 عامًا)

هي مواطنة كويتية مصابة بمرض السرطان. في 11 أيار/مايو 2023، اعتُقلت مع عددٍ من أبنائها وأقاربها من دون معرفة السبب.

وفي التفاصيل، أكدت مصادر صحفية أنه تمت إحالة القضية إلى المحكمة الجزائية المتخصّصة، في 13 تموز/يوليو.

وعلى الرغم من تواصل عائلة المعتقلة مع الجهات الحكومية الكويتية، ورفعها خطاب إلى الديوان الملكي وولي العهد في السعودية، لم يُعرف سبب الاعتقال.

إلا أن معلومات انتشرت لاحقًا كشفت أن الاعتقال هو بهدف الابتزاز، بسبب ارتباط القضية بدعوى قضائية مرفوعة على ولي العهد السعودي في الولايات المتحدة الأميركية.

سارة الجبري (21 عامًا)

هي شابة جامعية وابنة سعد الجبري، المسؤول السابق في المخابرات السعودية، والذي تحاول سلطات المملكة إجباره على العودة إلى أراضيها، عبر احتجاز ابنته وشقيقها. وذلك وفق تقرير صادر عن “هيومن رايتس ووتش”.

ففي آذار/مارس 2020، احتُجزت سارة مع شقيقها عمر الجبري (23 عامًا)، وتم عزلهما عن العالم الخارجي حتى كانون الثاني/يناير 2021.

وجهت السلطات السعودية اتهامات إلى الشقيقين في أيلول/سبتمبر 2020. بعد شهر على رفع والدهما قضية ضد محمد بن سلمان أمام محكمة اتحادية أميركية بموجب “قانون حماية ضحايا التعذيب”.

وفي قضيته، زعم سعد الجبري أن بن سلمان أرسل فرقة اغتيال لقتله في كندا عام 2018.

بعد اعتقالهما وأثناء محاكمتهما، منعت السلطات السعودية سارة وعمر من مقابلة محاميهما أو التحدث مع أفراد أسرتهما.

كما احتجزت السلطات ما يصل إلى 40 شخص أخريات/ين من أفراد عائلة الجبري أو مقرّبات/ين منهن/م. وما زلن/زالوا محتجزات/ين، بحسب تقرير المنظّمة نفسه.

وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2020، حكمت المحكمة على سارة وعمر الجبري بالسجن 6 سنوات ونصف و9 سنوات على التوالي، بتهمة “غسل الأموال” و”محاولة الهروب” من البلاد.

وخلال الشهر الذي بعده، أيدت محكمة الاستئناف الأحكام الصادرة بحقهما في جلسة سريّة لم يكونا حاضريْن فيها.

كما لم يُقدّم لهما رسميًا ولا لمحاميهما أو غيرهما من أفراد الأسرة حكم المحكمة النهائي الذي يفصّل الأسباب الكامنة وراء الحكم الأولي أو قرار الاستئناف.

انعدام الشفافية وترهيب المجتمع

تحاول الجهات الحقوقية داخل السعودية وخارجها إحصاء عدد معتقلات الرأي في السجون. إلّا أنّه لا توجد أرقام رسمية لهذه الأعداد حتى اللحظة. في وقتٍ يتعرّض فيه جميع أفراد المجتمع إلى الترهيب من البوح والكشف عمّا يجري هناك.

وكانت المنظمة الأوروبية – السعودية لحقوق الإنسان نشرت المعلومات أعلاه عن قضايا المعتقلات اللواتي تم استخدام نظاميّ مكافحة الإرهاب ومكافحة جرائم المعلوماتية بشكل مسيء بحقّهن.

ورجّحت المنظمة، في تقرير جديد صادر عنها، أن “عدد المعتقلات أعلى مما تم كشفه”. كما أكدت أن “سياق الاعتقالات والأحكام يؤكد وجود قضايا غير معروفة”.

وتطرّقت إلى نهج الحكومة السعودية المتّبع في احتجاز وتهديد الحقوقيات/ين.

إذ وبحسب تقرير المنظّمة “حكمت المحكمة الجزائية المتخصّصة نفسها سابقًا على سلمى الشهاب، ونورة القحطاني، ومهدية المرزوقي، لعقود من الاعتقال والمنع من السفر على خلفية تغريدات”.

فيما “تستمر باعتقال ومنع سفر وترهيب عشرات المدافعات عن حقوق الإنسان، منهن لجين الهذلول، وسمر البدوي، ومريم العتيبي شقيقة مناهل العتيبي، وأخريات”، وفقًا للتقرير.

كذلك أكدت المنظّمة أن “الملاحقات التي تتعرّض لها الناشطات وصانعات المحتوى والمؤثّرات يعكس واقع تعامل سلطات السعودية مع أيّ صوت لا يطابق ما تروج له. إلى جانب اشتداد قمعها وانتهاكاتها بحق النساء”.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد