كيف يتم استخدام معايير الجمال والوصم الذكورية في تقوية ثقافة الاغتصاب؟

تعتبر ثقافة الاغتصاب ومعايير الجمال النمطية إحدى أكثر الوسائل الذكورية انتشارًا في العالم، والتي تشكّل السلاح الأكثر فتكًا بسلامة الأشخاص الجسدية والنفسية.

ولهذه الثقافة أشكال عدة تناولتها الأعمال النسوية بالكثير من التفصيل. أبرزها لوم الضحية واستخدام التبريرات الدينية والثقافية وإنكار حق الموافقة.

ومن أشكالها الأكثر خبثًا هو استخدام معايير الجمال والوصم الذكورية في تقوية هذه الثقافة والسلوك، وتبريره وسحب مصداقية الناجيات/الضحايا.

يتخبّط النظام الأبوي بين استخدام الحجج التقليدية في لوم الضحية واعتبار أن الاعتداء الجنسي تتحمل مسؤوليته النساء.

كيف تستخدم معايير الجمال في تكذيب الضحايا؟

تعتبر معايير الجمال الذكورية سلطةً تعترض حق النساء في الحياة وتهز ثقتهن في أنفسهن. بل وتساهم في معاناتهن من الكثير من الاضطرابات النفسية والجسدية. لكنها أيضًا تستخدم لسحب المصداقية منهن وتبرير العنف الجنسي ضدهنّ.

وقد تناولت العديد من الأبحاث النسوية تصديق الناجيات/الضحايا من منظور استخدام معايير الجمال، لتقويض روايات ضحايا العنف الجنسي. حيث توضع الناجية/الضحية تحت مجهر ذكوري يبحث عن أي أثر للتشكيك في روايتها.

وبعد استنزاف الحجج التقليدية كلوم الضحية ومساءلتها، انتشرت خطابات أن الاعتداء الجنسي هو استحقاق تناله النساء الجميلات أو المطابقات للصور النمطية.

هذا النزوع الذكوري حول استخدام معايير الجمال ساهم في مزيدٍ من التكذيب ولوم الضحية. فالنساء اللواتي لا تنطبق عليهن الأفكار النمطية عن الجمال هن أقلّ تصديقًا كضحايا للتحرش الجنسي، ويمارس ضدهن أذىً نفسي كبير.

يشكل هذا النهج رعبًا إضافيًا في حياة النساء. فقلب الاعتداء الجنسي إلى استحقاق تناله من تنطبق عليها المعايير الذكورية للجمال يساهم في تمويه حقيقته كعنفٍ.

تختبر كثيرات التلاعب الذكوري حول ما يتعرّضن له، وفي كل مرة يخلق هذا الأسلوب شروخًا أكبر بين حاجتهن للتصديق والعزلة التي يعانين منها. وهذه العزلة تهدف إلى مزيدٍ من لوم النفس والمساهمة في إفلات الجناة من العدالة.

النساء غير النمطيات والوصم الذكوري

من ناحية أخرى، يظهر استخدام الوصم الذكوري والتنمطيات الجندرية كدرع حماية، لاستمرار العنف الجنسي. يتكون هذا الدرع من لوم الضحية وفرض نماذج مثالية على النساء حتى يسهل تكذيبهن.

عادة ما يتم تكذيب النساء والفتيات ضحايا العنف الجنسي بخطابات تحملهن المسؤولية عن الاعتداء، مثل نوع الملابس وخياراتهن في الحياة. لكن أيضًا هناك مساحة كبيرة لاستخدام طرق مؤذية، مثل الصور النمطية للجمال في تكذيب الضحايا/الناجيات.

تستخدم هذه المعايير النمطية في جعل الضحية تشكّك في نفسها. وفي قولبة وعي الأفراد بأن الاعتداء الجنسي هو وسام شرف تناله الضحية. وذلك وفق تماشيها مع النماذج الأبوية “للمرأة”، سواءً كانت في الشكل أو في التصرفات.

فكلما كانت الضحية غير نمطية جندريًا، أي لا يظهر انسجام نمطي في شكلها، كلما كانت عرضة لخطر الاعتداء وتبريره.

عدم تطابق النساء مع معايير الجمال النمطية يؤدي إلى تحيّز  إضافي ضدهن. ومن الممكن أن تتعرض هؤلاء النساء إلى مزيدٍ من العراقيل التي تقف دون حصولهن على الحماية والعدالة.

كما تلعب ثقافة الاغتصاب التي تفيد أن الاعتداء الجنسي هو مكيدة من النساء للإيقاع بالرجال، الدور الرئيسي في تعريض الأشخاص غير المطابقين للنماذج النمطية للخطر.

يصبح الاعتداء الجنسي وسامًا تناله من تحظى برصيدٍ نمطي من الجمال، أو الانسجام مع الأدوار الجندرية. مع ذلك، في كل قضية يحشر فيها المعتدي في الزاوية، تنهار هذه المحاولة.

المعايير الذكورية تكشف تناقض النظام الأبوي

تُظهر ثقافة الاغتصاب التناقض الكبير للنظام الأبوي في محاولته لتبرير العنف. حيث أن الحجج المستخدمة لتكذيب الضحايا/الناجيات تتغير باستمرار وتضعف أمام الوعي الكبير للنساء ضد جرائم العنف الجنسي.

يتخبّط النظام الأبوي بين استخدام الحجج التقليدية في لوم الضحية واعتبار أن الاعتداء الجنسي تتحمل مسؤوليته النساء.

خصوصًا بعد فشل خطاب لوم الضحية، أو إنكار العنف بشكلٍ نهائي.

يستخدم النظام الأبوي الاعتداء الجنسي كاستحقاق، لتكذيب كل من لا تتوفّر فيها معايير الجمال الأبوية.

يصبح الاعتداء الجنسي وسامًا تناله من تحظى برصيدٍ نمطي من الجمال، أو الانسجام مع الأدوار الجندرية. ومع ذلك، في كل قضيةٍ يُحشر فيها المعتدي في الزاوية، تنهار هذه المحاولة.

حسب المعايير الذكورية، فالاعتداء الجنسي وسامًا وجائزة تنالها النساء، لو لم يتوافقن مع معايير الجمال الأبوية. ويكون مكيدة وانتقامًا من الرجال، كلما كانت الضحية/الناجية غير متوافقة مع مسطرة الأخلاق الأبوية.

يكشف هذا التناقض الفشل الكبير في تبرير العنف. حتى مع الاستثمار في الإعلام والقيم والسياسة والقوانين، لا يزال الاعتداء الجنسي يشكّل الصدمة الأعنف في حياة كل يتعرضن/ون له، خاصة النساء والهويات الجندرية المهمّشة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد