حليمة قعقور في مواجهة المنظومة “البطريركية”

يبدو أن رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري تقمّص لقب “الأستاذ” وعاش الدور، متجاهلاً أساتذة/ات يحطيونه/يحطنه، ومكانتهم/ن، ومواقعهم/ن، كما حصل مع النائبة حليمة قعقور، خلال الجلسة النيابية التي عقدت بتاريخ 26 تموز/ يوليو الجاري.

بأسلوبه السلطوي المعتاد، تجرأ بري على مخاطبة النائبة حليمة قعقور، وهي أستاذة جامعية، كما لو أنها تلميذة داخل قاعته.

طريقةٌ فوقية فتحت المجال أمام تلامذة “الأستاذ” المطيعين، للتملق لمعلّمهم بـ”البطريركية“.

 

 

View this post on Instagram

 

A post shared by Sharika Wa Laken (@sharikawalaken)

“اقعدي وانطري للآخر واسكتي”، قال بري للنائبة حليمة قعقور، لتقاطعه الأخيرة مستنكرةً “هذه الطريقة البطريركية بالردّ”، ما استفز عدداً من النواب.

ليس أسلوب بري ما استفز النواب، وإنما تجرؤ حليمة على رفض السلطوية غير اللائقة في التعامل، ووصفها بحقيقتها: بطريركية.

ماذا تعني “البطريركية”؟

النظام البطريركي أو البطريركية، لمن استوقفه هذا المصطلح وأراد سوقه إلى غير منحاه المقصود، واللعب على المصطلحات، هو نظام اجتماعي يمتلك فيه الرجال السلطات الأساسية في المجتمع، من ضمنها السلطات السياسية والأخلاقية والقانونية.

وهو يشير إلى بنية اجتماعية تضع الرجال في مكان أعلى من النساء، وبالتالي تمنحهم امتيازات عديدة وتمكنهم من السيطرة بأدواتٍ مختلفة.

فريد الخازن: “اسحبي كلمة بطريركية”!

يبدو أن مصطلح “بطريركية” أزعج أبناء المنظومة البطريركية نفسها. هرجٌ ومرجٌ ساد الجلسة وسيطر على أجوائها بمجرد اعتراض قعقور على طريقة بري السلطوية.

استوقف المصطلح النائب فريد الخازن، الذي بدا كما لو أنه لا يعلم دلالة “البطريركية”، فارتأى ممارسة الـ”mansplaining” ليحدد لحليمة ما يمكن ولا يمكن قوله.

وبطريقةٍ معهودة لميل الرجال لتوضيح الأمور للنساء وتلقينهن، طلب الخازن من حليمة “سحب كلمة بطريركية”. وقال: “يمكنكِ استخدام كلمة سلطانية أو امبراطورية”.

في حين تدارك حماية “قدسية المصطلح” وطلب من رئيس المجلس بشطبها من المحضر، ليوافق الرئيس بري على شطبها.

لعلّ أكبر مشاكل الخازن هو “المصطلح”. أما مخاطبة نائبة بهذه الطريقة السلطوية والتحقيرية فلم تثر حفيظته أو تحرّك غيرته على القيم المقدسة، التي حاول التسويق لها حين طالب بتحييد “البطريركية”.

ذكورية مجبولة بالتناقض وكره النساء

من ناحيته، هبّ النائب قبلان قبلان للدفاع عن “الأستاذ”، مطالباً حليمة قعقور بـ”احترام الموجودين”.

في حين تدخلت النائبة سينتيا زرازير لمساندة زميلتها. فما كان من قبلان إلا أن وصفهما بـ”الصراصير”.

الأمر استفزّ النائبة بولا يعقوبيان، التي علّقت على عجرفة النائب المسيئ. فتوجهت إلى بري سائلةً إياه “كيف يسمح لهكذا عبارات أن تمرّ في الجلسة”؟ خصوصاً أنها صدرت عن نائبٍ من كتلته. فعاد قبلان وقال “صرصورة ونص”.

كما استغربت بولا اعتراض النواب على كلمة بطريركية، في حين تحقَّر نائبة أمامهم من دون أن يسجل أحداً منهم أي اعتراض.

وتوجهت إلى حليمة متهكمةً: “لا مشكلة أن يُقال لك اسكتي، ولكن ممنوع عليك أن تقولي طريقة بطريركية”، موضحةً للمعترضين “طريقة بطريركية تعني طريقة سلطوية”.

تعليق ذكوري ووقح من إيلي خوري.. وضحكة سخيفة من وليد عبود

في سياقٍ متصل،خرج المحلل السياسي إيلي خوري بتصريحٍ ذكوري وقحٍ ضد النائبة حليمة قعقور، خلال ظهورٍ له في حلقةٍ مصورة مع الإعلامي وليد عبود.

تعليقٌ عكس مدى التطبيع الإعلامي مع الذكورية، ومع ثقافة كره وتحقير النساء والإساة لهن.

فرداً على سؤال عبود له عن “النواب والنائبات التغييريين/ات”، تعرّض خوري لحليمة بطريقةٍ مسيئة.

والأسوأ من ذلك أن القناة التي بثت الحوار، تباهت بالتصريح المهين، وأعادت نشره والترويج له عبر منصاتها الاجتماعية.


لوهلةٍ تشعر بأن العنصر النسائي في البرلمان اللبناني يسبب وعكةً نفسية لدى أعضائه الذكوريين، ومعلّمهم ووليدي هذه المنظومة.

كما يضرب ثقتهم بأنفسهم، ما يحملهم إلى اختبار “هيبتهم” كلّما نبست نائبة ببنت شفة.

قد يعجبك ايضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على ذلك ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. قبول قراءة المزيد